القاهرة - مصطفى سليمان
أقر الرئيس محمد مرسي قانوناً جديداً بإلغاء الحبس الاحتياطي في قضايا النشر. وتعتبر القوانين التي يصدرها رئيس الجمهورية في غيبة البرلمان قرارات بقوانين إلى أول دورة انعقاد لمجلس الشعب وله حينئذ أن يقرها أو يلغيها.
قرار مرسي يعني انتهاء الحبس الاحتياطي المنصوص عليه بالمادة 179 من قانون العقوبات، والخاصة بإهانة رئيس الجمهورية، في أول استخدام لسلطته التشريعية.
وأمر النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود بالإفراج عن إسلام عفيفي، رئيس تحرير جريدة الدستور، المحبوس احتياطياً بتهمة إهانة رئيس الجمهورية.
وقالت مصادر أمنية إن سيارة ترحيلات تابعة لوزارة الداخلية تنتظر أمام سجن الاستقبال بطرة، تمهيداً لنقل عفيفي إلى مجمع نيابات شمال الجيزة، تمهيداً للإفراج عنه.
وكانت رئاسة الجمهورية أعلنت أنه سيتم الإفراج عن إسلام عفيفي بمرسوم رئاسي.
وجاء ذلك بعد مساعٍ حثيقة قامت بها نقابة الصحافيين للإفراج عن عفيفي، حيث تم ترحيله إلى منطقة سجون طرة لقضاء فترة الحبس الاحتياطي داخل سجن الاستقبال.
وتضمن قرار مرسي تعديل المادة 41 من قانون الصحافة والتي تنص على عدم جواز حبس الصحافيين إلا في حالات معينة ومنها سبّ رئيس الجمهورية، والتعديل حذف هذا الاستثناء بحيث لا يتم حبس الصحافيين احتياطياً تحت أي ظروف.
وكان عفيفي فور وصوله إلى سجن الاستقبال قام بتسليم كافة متعلقاته إلى أمانات السجن، واستلم ملابسه البيضاء لارتدائها.
رئيس تحرير جريدة الدستور إسلام عفيفي
وكانت محكمة جنايات جنوب الجيزة برئاسة المستشار محمد فهيم درويش، قررت تأجيل محاكمة عفيفي حتى 16 من سبتمبر/أيلول المقبل، مع حبسه احتياطياً بتهمة إهانة الرئيس المصري محمد مرسي ونشر أخبار كاذبة من شأنها الإضرار بالمصلحة العامة.
وفور صدور القرار هتف أنصار عفيفي داخل قاعة المحكمة: "يسقط يسقط حكم المرشد". وقال مراد معوض، محامي صحيفة الدستور، لـ"العربية.نت" إن قرار حبس رئيس تحرير صحيفة من أول جلسة يعد الأول من نوعه منذ عقود.
وأكد معوض "أن رئيس التحرير لم يُعلن بالتحقيق معه أمام النيابة ولم نتسلم قرار الإحالة إلى محكمة الجنايات إلا في ليلة عيد الفطر بما يوحي بأن قرار حبس رئيس التحرير قرار سياسي".
واستنكرت نقابة الصحفيين قرار محكمة جنوب الجيزة، بحبس عفيفى احتياطيا، وقامت النقابة بتقديم طلب إلى السلطات المختصة للإفراج الفورى عنه بضمان وظيفته أو بكفالة أو على سبيل الاحتياط أو إيداعه أحد المستشفيات بسبب حالته الصحية الصعبة.
وأكدت النقابة، فى بيان لها أنها توالى اتصالاتها بالجهات القضائية لسرعة الإفراج عنه خلال الساعات القليلة القادمة، مشيرة إلى أنه تم الاتصال بعفيفي بعد قرار المحكمة وإبلاغه بالإجراءات القانونية التى تقوم بها النقابة لسرعة الإفراج عنه.
وقال المحامي سيد أبوزيد، ممثل نقابة الصحافيين المصرية: "النقابة لم تخطر بقرار إحالة عفيفي إلى الجنايات بتهمة إهانة الرئيس بما يعد خللاً قانونياً في قرار الإحالة".
وأكد أبوزيد أن النقابة ستقف دوماً ضد حبس الصحافيين وستسلك كل الطرق القانونية للإفراج عنه. وأضاف "كما أن النقابة لم تخطر أيضاً بالتحقيق مع الصحافي إسلام عفيفي".
وأدان عمرو موسى المرشح السابق لرئاسة الجمهورية قرار الحبس.
النيابة: ما كتبته "الدستور" شائعات كاذبة المستشار القانوني لرئيس الجمهورية محمد فؤاد جاد الله
وكانت النيابة قد أسندت إلى عفيفي تهمة القيام بنشر بيانات وأخبار وشائعات كاذبة بأعداد جريدة الدستور، تحتوي على إهانة رئيس الجمهورية، من شأنها تكدير الأمن العام وإلحاق الضرر بالمصلحة العامة وزعزعة استقرار البلاد وإثارة الفزع بين الناس.
وفي أول تعليق رسمي صدر عن مؤسسة الرئاسة المصرية على الحكم الصادر بحبس رئيس تحرير جريدة "الدستور"، قال المستشار محمد فؤاد جاد الله، المستشار القانوني لرئيس الجمهورية، إن الرئيس محمد مرسي لا يملك التنازل عن قضية إسلام عفيفي لأنه لم يرفع القضية ضده وليس طرفاً بها.
وأضاف المستشار خلال اتصال هاتفي بالكاتب الصحافي محمد عبدالقدوس، عضو مجلس نقابة الصحافيين مقرر لجنة الحريات، أن الرئاسة مهتمة بقضية عفيفي وتسعى إلى البحث عن مخرج للأزمة بعيداً عن التدخل في عمل القضاء، حسب ما ذكرت صحيفة "اليوم السابع".
وكشف الكاتب محمد عبدالقدوس عن قيام النقابة بإجراء اتصالات مع رئاسة الجمهورية من خلال الدكتور محمد جاب الله والدكتور ياسر علي، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، للمطالبة بالتدخل لمنع تنفيذ قرار محكمة الجنايات الصادر بحبس عفيفي.
مراقبون يصفون الحكم بالصادم رئيس حزب مصر الحرية الدكتور عمرو حمزاوي
وفي سياق ردود الأفعال على الحكم الصادر، قال كارم محمود، سكرتير عام نقابة الصحافيين، إن قرار محكمة الجنايات بتأجيل محاكمة عفيفى لـ16 سبتمبر، مع حبسه، تطور مؤسف وغريب وغير مسبوق، وينذر بتصاعد خطير في العلاقة بين مؤسسة الرئاسة والصحافيين الذين يعتبرون أن مؤسسة الرئاسة هي التي كانت وراء حبس زميلهم، مضيفاً "ما كنا نتوقع أن يصل الأمر إلى هذا الحد خصوصاً في بداية ولاية الدكتور محمد مرسي".
وطالب السكرتير العام لنقابة الصحافيين، في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، هيئة المحكمة بتوضيح موقفها وتفسير سبب لجوئها للحبس الاحتياطي، موضحاً أنه تم إلغاؤه في قضايا النشر منذ سنوات، مشدداً على أن قرار المحكمة مخالفة غير مسبوقة للقانون.
ومن جهته، صرح النائب السابق محمد أنور السادات، رئيس حزب الإصلاح والتنمية، تعليقاً على قرار المحكمة بحبس إسلام عفيفي، بأن الحكم أصابه بحالة ذهول، رغم أن قرار الإحالة يعطي فرصة للمحكمة بحبسه.
وأضاف أن الأمر برمته مثير للدهشة، وكنا نتوقع أن يقتصر الأمر على غرامة مالية، خاصة أننا في زمن الحريات الذي جاء بعد ثورة يناير التي قام بها الشعب ضد طغيان واستبداد النظام السابق.
وأكد السادات أنه ضد أي إهانة لأي مصري وليس لشخص الرئيس، لافتاً إلى ضرورة أن يكون هناك مراعاة أن الشعب المصري بأكمله كان يعاني من استبداد وتكميم للأفواه في عهد النظام السابق.
وأشار إلى أنه كان يتوقع أن تكون هناك رسائل طمأنة في بداية الحكم الإسلامي الجديد، وليس تضييقاً على كل من يختلف في الرأي من خلال الإعلام أو إقصاء للقوى السياسية، مؤكداً ضرورة أن يكون هناك رد فعل قوي من الكتاب والمثقفين وجموع الشعب المصري ضد أي انتهاكات لحرية الرأي والتعبير. كما توقع السادات أن يعفو الرئيس مرسي عن عفيفي ويسحب البلاغ المقدم ضده.
وبدوره، رفض الدكتور عمرو حمزاوي رئيس حزب "مصر الحرية" حبس إسلام عفيفي قائلاً "نرفض تعقب الصحافيين والإعلاميين"، مشيراً إلى أن النص القانوني القائم والمتعلق بقانون العقوبات سيئ السمعة ومطاطي ولا بد من تغييره.
واعتبر حمزاوي أن ما يحدث الآن هو ممارسة سلطوية وبداية تكميم للأفواه، وليس له علاقة برئيس جمهورية ديمقراطي منتخب.
وشدد على ضرورة التفاف الإعلاميين والقوى السياسية للتصدي للعصف بالحريات الإعلامية، موجهاً حديثه لمن يحاولون محاباة الدكتور محمد مرسي قائلاً "الممارسة السلطوية حينما تبدأ لا تراعي أحداً، فاحذروا أن تنقلب يوماً عليكم.. توحدوا لحماية حرية الرأي".